من أجل إنصاف المرأة المغربية وإقرار المساواة الفعلية
تشكل المساواة بين الجنسين في جميع المجالات حجر الزاوية في برنامج عملنا كحزب يساري ديمقراطي ذي أفق اشتراكي، خاصة في ظل المستجدات التي يشهدها الوضع الدولي و الإقليمي الحامل للعديد من المخاطر التي تكتوي بنارها النساء، والتي ألقت بظلالها على الوضع المحلي المتسم بالعديد من التراجعات خاصة على مستوى وضعية المرأة الذي تتكثف عندها كل تداعيات الأصولية المخزنية و الأصولية الإسلاموية اللتين تلتقيان في العداء للمساواة بين الجنسين و الوفاء للمشروع الرأسمالي التبعي بما له من أثار كارثية على الوضعية الٌاقتصادية و الاجتماعية لعموم الشعب المغربي وفي مقدمته النساء.
في مجال السياسة التشريعية للدولة المغربية :
إننا نعتبر في الحزب الاشتراكي الموحد أن النهوض بوضعية المرأة على أساس المواطنة المتساوية يقتضي العمل على إحداث تغييرات جوهرية في التشريعات الوطنية. سواء تلك المنظمة للعلاقة بين الدولة والمجتمع، أو تلك المنظمة للعلاقات في صفوف المجتمع .وذلك بدءا بالعمل على توفير كل الضمانات الدستورية الضرورية لذلك.
لقد نص دستور 2011 في تصديره على سمو المواثيق الدولية على التشريعات، كما نص الفصل 19 منه على المساواة بين الجنسين في جميع المجالات؛ ونص الفصل 164 على إحداث هيئة المناصفة ومحاربة كافة أشكال التمييز، لكن كلها مقتضيات مشروطة بمقتضيات دستورية أخرى ذات الصلة بثوابت سياسية وثقافية أفرغتها من كل محتوى !!! . مما سينعكس سلبا على مجمل القوانين المحلية الأخرى ذات الصلة بحقوق المرأة وخاصة الحق في المساواة في جميع المجالات من مثل مدونة الأسرة والقانون الجنائي وقانون الجنسية والقانون المنظم للعمالة المنزلية والقانون 13-103 المتعلق بمكافحة العنف ضد المرأة التي ظلت في مجملها محكومة بمرجعية ثقافية ذكورية قائمة على جوهر التمييز وعلى انتهاك الكرامة الإنسانية للمرأة.
لذلك نعتبر في الحزب الاشتراكي الموحد أن مجال التشريع من المجالات الأساسية التي يجب أن تشملها عمليا الدمقرطة والتحديث، ولن يتم ذلك إلا عبر إصلاحات سياسية ودستورية عميقة ترفع كل العقبات أمام المساواة ؛ كمدخل لتغيير شامل وجذري للسياسة التشريعية من أساسها في اتجاه إنتاج قوانين تضمن المساواة بين الجنسين والكرامة الإنسانية للمرأة وتحمي الحقوق والحريات الفردية والجماعية دون تمييز، وتحمي النساء من كل أشكال العنف المبني على النوع وتقطع مع الإفلات من العقاب.
في المجال الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي
إن السياسات المتبعة في هذا المجال والمفروضة من طرف مؤسسات الرأسمال العالمي كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي لها أثار كارثية على عموم المواطنين إلا أنها أشد وطأة على النساء.
ففي ظل تخلي الدولة عن تحمل مسؤوليتها في مجال الصحة والتعليم والتشغيل، تزداد حدة الفقر وسط النساء وما يترتب عنه من حرمان من الحق في الوصول للعلاج وخاصة في مجال الصحة والصحة الإنجابية ومكافحة أمراض سرطان الثدي وعنق الرحم، ومن الحق في التعليم الجيد مما يغذي تفشي الأمية والعطالة في صفوفهن ويساعد على الاستغلال المفرط للعاملات منهن وخاصة العاملات الزراعيات. والعاملات في القطاعات غير المهيكلة بكل ما تتعرضن له من استغلال وعنف السلطات ومطاردة وفرض الإتاوات.
وفي المناطق القروية نجد الأعباء التي تتحملها النساء المرتبطة بالعمل الفلاحي في ظروف قاسية، غالبا ما تعتبر امتدادا للعمل المنزلي، فهن معرضات دوما للحرمان من حق استغلال الأرض في المناطق السلالية، كما أنهن معرضات للحرمان من الماء والأرض جراء هجمة مافيا العقار والاستغلال المفرط للفرشة المائية لفائدة الملاكين الكبار في إطار ما سمي بالمخطط الأخضر، مما يهدد التوازن البيئي لمناطقهن؛
إلى ذلك ينضاف الاستغلال الجنسي للنساء وللاتجار بالجسد على يد شبكات الاتجار بالبشر وخدمة المنازل في ظروف لا تحترم فيها حقوقهن ولا كرامتهن.
لذلك نعتبر في الحزب الاشتراكي الموحد أن النهوض بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للمرأة شديد الارتباط باستقلال القرار السياسي والاقتصادي للدولة بما يمكنها من إرساء اختيارات اقتصادية واجتماعية تعطي الأولوية لتنمية العصر البشري وتلبية الحاجيات الأساسية للمواطنين والمواطنات مع اعتماد مقاربة النوع في مجمل ميزانيات الدولة العامة والقطاعية .
ونظرا لكون الأساس الثقافي الإيديولوجي الذي يقوم عليه نظام الدولة بالمغرب، قائم على جوهر التمييز وعلى دونية المرأة، وهو الذي يشكل المرجعية الثقافية لمجمل السياسات العمومية للدولة في مختلف المجالات، وخاصة على مستوى نظام الأسرة والمنظومة التعليمية والإعلامية التي تشكل القنوات الأساسية لإنتاج وإعادة إنتاج الثقافة السائدة الحاملة لقيم نظام الدولة الأبوي والمجتمع الأبوي ويزداد الأمر تعقيدا في ظل انتشار الخطاب التكفيري المهين للمرأة عبر القنوات الوهابية وأشرطة شيوخ الظلام.
لذا؛ نعتبر في الحزب الاشتراكي الموحد أن المجال الثقافي من الجبهات التي يجب أن تخضع لعمليات التنوير على قاعدة المساواة في صفوف الشعب بغض النظر على الجنس و اللون و العقيدة و العرق و اللغة والشكل ، كجزء لا يتجزأ من عمليات التغيير الديمقراطي الشامل.
وبناء على ما سبق فإن برنامجنا السياسي للنهوض بوضعية المرأة على جميع المستويات يتضمن الالتزامات التالية:
- على مستوى الإصلاحات الدستورية والسياسية:
مواصلة النضال من أجل دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا كمهمة ذات أولوية في يرنامجنا السياسي، يؤسس لنظام الملكية البرلمانية كما هي متعارف عليها دوليا؛ وينص صراحة على المساواة بين الجنسين في جميع المجالات دون قيد أوشرط.
- على المستوى التشريعي:
- إقرار سمو المواثيق الدولية على القوانين المحلية بدون قيد أو شرط؛
- ملائمة القوانين المحلية مع المواثيق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، ومحاربة جميع أشكال الميز ضد النساء. وتشمل على وجه الخصوص مدونة الأسرة والتشريع الجنائي وقانون مكافحة العنف ضد المرأة وقانون العمالة المنزلية وقانون الجنسية وقانون الحالة المدنية بما يضمن الكرامة الإنسانية للمرأة والمساواة بين الجنسين في القانون وأمام القانون وفي الواقع .
- على المستوى السياسي:
- اعتماد مقاربة النوع في السياسيات والبرامج الوطنية والقطاعية ودعمها بالميزانيات الكافية
- وضع الآليات المؤسساتية الدستورية والقانونية والإدارية الناجعة لإقرار ديمقراطية فعلية وحقيقية ووضع حد للتمييز القائم على النوع الاجتماعي وإقرار المناصفة وتكافؤ الفرص بين النساء في مواقع القرار والمسؤوليات؛
- الرفع من التمثيلية النسائية في اللوائح الجهوية إلى الثلث في اتجاه تحقيق مبدأ المناصفة؛
- اعتماد لوائح تتضمن المناصفة: أمراة رجل أو رجل امراة.
- على المستوى الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي
على الدولة تحمل مسؤولياتها في هذا المجال عبر سن سياسية اقتصادية واجتماعية تعطي الأولوية للحاجيات الأساسية للشعب ،وخاصة في مجال مكافحة الفقر والأمية والعطالة وضمان الحق في السكن اللائق، وهي من المجالات الأكثر حيوية بالنسبة للشعب المغربي عامة والنساء بوجه خاص.
- أ- في مجال التربية والتعليم:
- ضمان تعميم ومجانية التعليم بما فيه التعليم الأولي وإجباريته وجودته كفضاء لنشر قيم الحرية والمساواة
- توفير البنيات التحتية وفضاءات الاستقبال لتمكين الفتيات في المناطق القروية والجبلية من الوصول واستكمال التعليم ومحاربة الهدر المدرسي
- تعميم المنح لتمكين الفتيات من فرص متابعة التعليم العالي بجميع أسلاكه دون تمييز
ب- في مجال الصحة والصحة الإنجابية
- الرفع من ميزانية وزارة الصحة وإقرار مجانية التطبيب والعلاج؛ وتعميم التغطية الصحية
- توفير البنيات التحتية والمرافق الأساسية وخاصة في المناطق المهشمة بالمدن والبوادي
- اتخاذ تدابير فعالة للحد من نسبة وفيات الأمومة والمواليد قبل وأثناء وبعد الوضع
- ضمان المتابعة الطبية الدورية للنساء الحوامل وشروط الولادة الآمنة تحت إشراف طبي
- ضمان العلاج المجاني ومحاربة الأمراض المعدية والمنقولة جنسيا و سرطان الثدي والرحم
- ضمان الحق في الصحة ،،والصحة الإنجابية للنساء
- تمكين النساء والفتيات من الوصول إلى المعارف العلمية حول الصحة الجنسية والحماية من الأمراض المتنقلة جنسيا وسبل التحكم في الإنجاب وتنظيم الأسرة.
- اعتماد التحليل الجيني لإثبات الأبوة في حالة النزاع.
ج – في مجال الشغل
- ضمان الحقوق الشغلية للنساء العاملات في القطاع الصناعي والقطاع الفلاحي،
- المساواة في الأجر مقابل نفس العمل؛
- احترام حقوق الأمومة للنساء العاملات من خلال الاستفادة من عطلة الوضع وحق العودة للعمل بعد الولادة وإنشاء دور الحضانة في المؤسسات الشغلية التي تشغل النساء. وتعميم رياض الأطفال؛
- محاربة التحرش الجنسي في أماكن العمل وتجريمه ؛
- تجريم تشغيل الطفلات القاصرات دون 18 سنة؛
- مراجعة شاملة للقانون المتعلق بالعمال المنزليين ؛
- التعويض عن العمل المنزلي وشموله بالتغطية الصحية ونظام التقاعد.
د – في المجال القروي
- وضع البنيات الأساسية والفضاءات الملائمة لضمان وصول المرأة والفتاة القروية إلى الخدمات الصحية والتعليمية والترفيهية ؛
- إيلاء الاهتمام لعمل النساء في الوسط القروي باعتبارهن منتجات للخيرات ومساهمات في التنمية ومن حقهن الاستفادة منها؛
- مراجعة شاملة للقانون 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها في اتجاه إقرار حق النساء في الأرض وفي استغلال الأرض على قدم المساواة مع الرجل.
ه – في المجال الثقافي والإعلامي:
- محاربة الصور النمطية للمرأة في وسائل الإعلام والمقررات التعليمية؛
- تصحيح صورة المرأة في الإعلام ومحاربة جميع أشكال التمييز ضدها وتسليعها ؛
- وضع برامج تحسيسية وتوعية لنشر ثقافة وقيم المساواة.
و– في المجال البيئي
- العمل على وضع سياسة تدمج حماية البيئة كرافعة للتنمية؛
- اشراك النساء في وضع السياسات والمشاريع ذات الصلة بالبيئة وسبل تدبير الموارد الطبيعية؛
- الاستفادة من خبراتهن وخاصة في مجال الزراعة وإدارة الموارد المائية وحفظ التراث الزراعي والغذائي بما يضمن السيادة الغذائية .