لا تدفعوا بالبلاد نحو المجهول، أوقفوا العبث، استعجالية التأسيس للديمقراطية و للتوزيع العادل لثروات البلاد، استعجالية صيانة الكرامة و إحقاق العدل للحد من الاحتقان الاجتماعي الذي وصل دروته.
لترقد روحك الزكية بسلام يا حياة. رحلت مبكرة لكنك دخلت التاريخ المجيد و الذي رغم الآلام و الدموع يجعلنا نصر ليستمر النضال من أجل مغرب يضمن الكرامة لكل أبنائه و بناته.
حياة رحلت في مقتبل العمر و هي في طريقها تبحث عن الأمل ما وراء حدود وطن ضاق بأبنائه. وطن انسد فيه الأفق أمام الشباب الذي يحاول التعلم و التحصيل بمشقة الأنفس حيت فقط 13% من الذين تتراوح أعمارهم ما بين 18 و24 سنة يلجون التعليم العالي، الذي يتم الإسراع بتسليعه. و عند التخرج يعاني الشباب البطالة 40% داخل المدن و يتعرض للمشاق و المحن و حتى “للطحن” كما وقع مع محسن فكري أو الانتحار أو أن يقدم على حرق ذاته و هو يرفض الظلم و هي حالات عديدة لم تكن كافية، مع الأسف الشديد، لايقاض الضمائر و الإنتباه إلى استعجالية البناء الديمقراطي و سن سياسات تحقيق العدالة الاجتماعية و التوزيع العادل للثروة.
شباب يعاني و يقاوم و في أحسن الأحوال تفرض عليه الهشاشة عبر CDD، يعني التوظيف بالعقدة المحدودة. بأجور هزيلة لتتفاقم الفوارق الاجتماعية و لتعم المسيرات شوارع العاصمة و الهوامش أمام اللامبالاة الرسمية، رغم التقارير الصادمة. فتزداد الأوضاع تأزما مع تفشي الفساد و الاحتكار و مع مافيا المخدرات و مافيا العقار التي تترصد الأسر و الشباب المقصي لتزيد في إفقار الفقراء و إهانتهم و طردهم من بيوتهم ليفترشوا الثرى و يلتحفوا السماء في ظل سيادة الإفلات من العقاب أو يهاجروا نحو المجهول بعدما ضاع الأمل مع طول الانتظار.
و طن ضاق بأبنائه و اتسعت فيه الفوارق، من يمتلك السلطة يترجمها إلى سلطوية و ليس إلى برامج إنقاد و تنمية. حيت عندما يحتج الشباب بشكل سلمي، يعذب و يزج به في السجون بأحكام قاسية، لأنه لامس المحظور و فضح الفساد و المفسدين و الناهبين لخيرات البلاد و الوائدين لآمال شعب في الإنعتاق والتحرر. فإلى أية جهة يلتجىء عندما يبقى الخيار بين الموت و المذلة. و عندما تحرم جهات من حقها في التنمية و تدمر إمكانية الترقي الاجتماعي عبر التعليم لأن مخربي المدرسة و الجامعة العمومية، الخاضعين لتوجيهات البنك الدولي و صندوق النقد الدولي، و الذين أغرقوا البلاد في المديونية و يرهنون مستقبل أجيال، يعملون على تسليع الصحة و المدرسة و غيرها.
استعجالة الاستجابة للمطالب و الحد من الاحتقان الذي يهدد التماسك و السلم الاجتماعي
فيترك المجال للمتسلطين و المحتكرين و لصوص المال العام و لمخدري العقول و دعاة الظلامية و تغييب العقل و الطاعة العمياء و قبول الوصاية و سيادة الخضوع و الخنوع للسلطوية التي لا تؤمن بالديمقراطية و لا بحقوق الإنسان بل تعتبرها خطرا على استمرارها و على مصالح مواليها .
لقد وصل اليأس صفوف الشباب إلى دروته لأنه يشعر بأنه مستهدف من قبل من ينهب خيراته و من يخرب عقله و بيئته و من يحرمه من حريته و من حقوقه و من إمكانية الاستقلال المادي عبر شغل يمنحه الكرامة الإنسانية و إذا احتج يتم التنكيل به و لا تؤخذ مطالبه بالجدية اللازمة، و يمكن أن يسجن وإذا حاول الهجرة يطارد برا و بحرا و يمكن أن يقتل!
الحراك الشعبي بالريف، الاحتجاجات الشعبية بجرادة و اوطاط الحاج و زاكورة و الصويرة و بوعرفة و ايميضر و فكيك من أجل الماء من أجل الصحة من أجل السكن من أجل الأرض من أجل الكرامة و المسؤولون غارقون في مقاربة أمنية و هم بذلك يزيدون في حدة الاحتقان.
أطلقوا سراح معتقلي الحراك و الاحتجاجات الشعبية، أوقفوا متابعة المناضلين.
الوضع جد حرج أمام كل ما يهدد وطننا بالانفجار و الذي يجعلنا نطالب بالإنفراج و بالحلول المستعجلة و الكافية لإيقاف زحف “الفوضى الهدامة” القادمة من الخارج و التي تستند على الضعف الداخلي من استمرار ثنائي الاستبداد و الفساد. إن تحصين البلاد يتم باالديمقراطية وباحترام حقوق الإنسان و بالإنهاء مع تجاهل مطالب الشعب المشروعة في الحرية و الكرامة والعدالة الاجتماعية والديمقراطية و بالانتهاء مع الترددات و مع الفرص الضائعة و بالتأسيس لتعاقد سياسي جديد لبناء دولة الحق و القانون و نظام الملكية البرلمانية لتتحقق العدالة الاجتماعية و المجالية و تصان الكرامة.
الحقيقة حول ملابسات مقتل حياة.. كلنا حياة.
أوقفوا العبث.